القدّيس أنثيموس الأعمى
لا شكَّ أنه سبق لكم أن سمعتم بكلمة "رضى".
هل تعرفون معناها؟
معناها أن نرضى بالفقر كما نرضى بالغنى. أن نرضى بالفشل كما نرضى بالنجاح.
طبعاً، قليلون هم الناس الذين يرضون أو يقنعون بما قسمه الله لهم.
ولكن الكتاب المقدّس يقول لنا، صراحةً،
إن "التقوى- أي خوف الله – مع القناعة هي مربح عظيم" (الرسالة الأولى إلى تيموثاوس- الإصحاح 6 – الآية 6).
ويقول لنا أيضاً: "كل شيء يعمل معاً للخير للذين يحبّون الله" (الرسالة إلى أهل رومية – الإصحاح 8 – الآية 28)
فماذا لو كان أحدُنا أعمًى، يا تُرى، فهل يرضى بذلك ويشكر الله عليه؟!
هل يمكن أن يكون العمى تدبيراً من الله، أي من أجل خيرنا نحن؟
الجواب تجدونه في القصّة التي سأرويها لكم الآن، فاسمعوا!
في جزيرة من جزر بلاد اليونان، عاش، منذ أكثر من مئتي سنة، صبيّ ربّاه والداه على الإيمان ومحبة الرب يسوع.
هذا لمَّا بلغ السابعةَ من عمره، أصابه مرضُ الجدري.
وكان من نتيجة إصابته أن فَقَدَ بصره.
فاحتارتْ أمُّه ماذا تعمل.
فقدّمت النذور* ورفعت الصلوات وأقامت القداديس الإلهية على نيّة ابنها.
ومن كثرة ما ألحّت في الصلاة والطلبة، سمح الله بأن يعود النور قليلاً إلى عين الصبيّ اليمنى، فصار بإمكانه أن يقرأ.
وقد ساعده ذلك على قراءة الكتاب المقدّس والكتب الإلهية، وكان يحبُّ ذلك كثيراً.
وَكَبُرَ الصبيّ ورغب في أن يصبح راهباً.
لكن العمى الكامل أصابه من جديد.
فأخذ يصلّي بحرارة وإلحاح.
وبينما كان، ذات مرّة، يصلّي أمام أيقونة والدة الإله، إذ به يرى رؤيا من الله.
القدّيس أنثيموس يصلي بحرارة لإستعادة نظره...ووالدة الإله تظهر له
.....
رأى شابين بثياب بيضاء كأنها من نور يقتربان منه ويقولان له
:"الرب الإله أرسلنا إليك. تعال معنا!"، فقام ورافقهما .
وإذ به يجد نفسه، وجهاً لوجه، أمام والدة الإله.
فوقف شعر بدنه وهَمَّ أن يسجد أمامها،
فمنعته وقالت له بلهجة قاسية:
"إذهب من وجهي!
لا أريد أن أراك!
فأنت تصلّي وتصلّي لكي أردَّ لك بصرك. ولكن، إفهم! هذا ليس في مصلحتك.
وإذا كنتَ مُصِرّاً على ذلك، فسأردُّه لك قليلاً.
لكنْ، ليكن معلوماً عندك إنك إذا نلت هذا النظر الزائل فقد تَفْقُدُ النظرَ الباقي".
من ذلك اليوم، عاش هذا الراهب الشاب الذي اتَّخذ اسم أنثيموس، عاش راضياً بحاله،
عالماً بأن الله هو الذي دبّر ذلك لخيره.
وبالفعل، فقد وهبَه الله نوراً في روحه، حتى إنه كان بإمكانه أن يحدِّد المكانَ المناسبَ لبناء كنيسة أو دير ما.
وكان بإمكانه، أيضاً، معرفة المستقبل وتسمية الناس بأسمائهم دون أن تكون له بهم معرفة سابقة. كما أعطاه الله موهبة صنع العجائب، فأعاد البصر إلى إمرأة عمياء بعدما رسم عليها إشارة الصليب.
وأيضاً، بارك إمرأة عاقراً – أي لا تلد – فأنجبت.
وهناك أناس كثيرون تغيّرت حياتهم بعدما سمعوا أقوالَه ونظروا نورَ الرب ساكناً فيه.
عاش أنثيموس فترةً من الزمن في جبل آثوس حيث يوجد رهبانٌ كثيرون.
لكنه لم يبق هناك طويلاً، لأن الله كان قد أعدّه للبشارة بالإنجيل ولبناء الأديرة.
كان اعتماد هذا القدّيس، أولاً وأخيراً، على الصلاة.
منه نتعلم أن كل الصعوبات التي يمكن أن يواجهها الإنسان في حياته تجد حلاً لها في الصلاة. اسمعوا،
مثلاً، كيف بنى القدّيس أنثيموس ديراً على اسم القدّيس جاورجيوس في جزيرة كاستيلوريزون اليونانية.
شعر القدّيسُ بروحه، مرةً، أن الله يريده أن يذهب إلى هذه الجزيرة.
فذهب إليها وأقام فيها مدةً من الزمن يصوم ويصلّي منتظِراً أن يدلَّه الله على ما ينبغي أن يعمله.
لم يكن عندَه، يومَها، لا مال ولا مواد لبناء الدير.
لكنه كان يصلّي بحرارة وهو متأكدٌ أن الله سوف يدبّر الأمور بطريقة لا يعلمها هو.
ولم يَمْضِ وقتٌ طويل حتى جاء الجواب وجاء معه العون الإلهي.
فلقد أصاب الجزيرةَ جفافٌ شديدٌ، وكلُّ الذين كانوا في الجزيرة كانوا مهدَّدين بالموت من شدّة الحر وقلّة المياه.
فجاء سكانُ الجزيرة إلى الراهب أنثيموس وطلبوا منه أن يصلّي إلى الله لكي يرسِل المطرَ.
القدّيس أنثيموس يصلي للمطر...فيهطل بغزارة
وهكذا يَبني الدير
-----------------
وبالفعل، صلّى القدّيس، كما صلّى إيليا قديماً، فأرسل اللهُ المطرَ بغزارة.
فَرِحَ أهلُ الجزيرة بما جرى فَرَحاً عظيماً، وأرادوا أن يقدِّموا لله تقدِماتٍ يعبّرون فيها عن شكرهم.
فجاؤوا إلى أنثيموس وقالوا له
:"ماذا تريدنا أن نعمل؟
نحن مستعدّون لتقديم ما تراه مناسباً لأننا لا نعرف كيف نشكر الله على إحسانه العظيم".
فعرض القدّيسُ عليهم أن يساعدوه في بناء الدير، فوافقوا للحال.
وهكذا بنى الديرَ الذي ما يزال قائماً إلى يومنا هذا
هذا هو القدّيس أنثيموس الأعمى الذي كانت عينا قلبِه مفتوحتين أكثرَ من عيون معظم الناس في أيامه.
لا شك أن أحكامَ الله هي غيرُ أحكامِ الناس، والله يرى غير ما يراه الناس.
وما علينا نحن سوى أن نثق به ونسلِّم أمورَنا إليه لأنه يحبّنا ولا يريد لنا إلا الخير
*النذر هو الوعد الذي يعطيه الإنسان لله بأن يقدم للكنيسة تقدمة معيّنة
إذا أعطاه الله ما يطلبه منه
لا شكَّ أنه سبق لكم أن سمعتم بكلمة "رضى".
هل تعرفون معناها؟
معناها أن نرضى بالفقر كما نرضى بالغنى. أن نرضى بالفشل كما نرضى بالنجاح.
طبعاً، قليلون هم الناس الذين يرضون أو يقنعون بما قسمه الله لهم.
ولكن الكتاب المقدّس يقول لنا، صراحةً،
إن "التقوى- أي خوف الله – مع القناعة هي مربح عظيم" (الرسالة الأولى إلى تيموثاوس- الإصحاح 6 – الآية 6).
ويقول لنا أيضاً: "كل شيء يعمل معاً للخير للذين يحبّون الله" (الرسالة إلى أهل رومية – الإصحاح 8 – الآية 28)
فماذا لو كان أحدُنا أعمًى، يا تُرى، فهل يرضى بذلك ويشكر الله عليه؟!
هل يمكن أن يكون العمى تدبيراً من الله، أي من أجل خيرنا نحن؟
الجواب تجدونه في القصّة التي سأرويها لكم الآن، فاسمعوا!
في جزيرة من جزر بلاد اليونان، عاش، منذ أكثر من مئتي سنة، صبيّ ربّاه والداه على الإيمان ومحبة الرب يسوع.
هذا لمَّا بلغ السابعةَ من عمره، أصابه مرضُ الجدري.
وكان من نتيجة إصابته أن فَقَدَ بصره.
فاحتارتْ أمُّه ماذا تعمل.
فقدّمت النذور* ورفعت الصلوات وأقامت القداديس الإلهية على نيّة ابنها.
ومن كثرة ما ألحّت في الصلاة والطلبة، سمح الله بأن يعود النور قليلاً إلى عين الصبيّ اليمنى، فصار بإمكانه أن يقرأ.
وقد ساعده ذلك على قراءة الكتاب المقدّس والكتب الإلهية، وكان يحبُّ ذلك كثيراً.
وَكَبُرَ الصبيّ ورغب في أن يصبح راهباً.
لكن العمى الكامل أصابه من جديد.
فأخذ يصلّي بحرارة وإلحاح.
وبينما كان، ذات مرّة، يصلّي أمام أيقونة والدة الإله، إذ به يرى رؤيا من الله.
القدّيس أنثيموس يصلي بحرارة لإستعادة نظره...ووالدة الإله تظهر له
.....
رأى شابين بثياب بيضاء كأنها من نور يقتربان منه ويقولان له
:"الرب الإله أرسلنا إليك. تعال معنا!"، فقام ورافقهما .
وإذ به يجد نفسه، وجهاً لوجه، أمام والدة الإله.
فوقف شعر بدنه وهَمَّ أن يسجد أمامها،
فمنعته وقالت له بلهجة قاسية:
"إذهب من وجهي!
لا أريد أن أراك!
فأنت تصلّي وتصلّي لكي أردَّ لك بصرك. ولكن، إفهم! هذا ليس في مصلحتك.
وإذا كنتَ مُصِرّاً على ذلك، فسأردُّه لك قليلاً.
لكنْ، ليكن معلوماً عندك إنك إذا نلت هذا النظر الزائل فقد تَفْقُدُ النظرَ الباقي".
من ذلك اليوم، عاش هذا الراهب الشاب الذي اتَّخذ اسم أنثيموس، عاش راضياً بحاله،
عالماً بأن الله هو الذي دبّر ذلك لخيره.
وبالفعل، فقد وهبَه الله نوراً في روحه، حتى إنه كان بإمكانه أن يحدِّد المكانَ المناسبَ لبناء كنيسة أو دير ما.
وكان بإمكانه، أيضاً، معرفة المستقبل وتسمية الناس بأسمائهم دون أن تكون له بهم معرفة سابقة. كما أعطاه الله موهبة صنع العجائب، فأعاد البصر إلى إمرأة عمياء بعدما رسم عليها إشارة الصليب.
وأيضاً، بارك إمرأة عاقراً – أي لا تلد – فأنجبت.
وهناك أناس كثيرون تغيّرت حياتهم بعدما سمعوا أقوالَه ونظروا نورَ الرب ساكناً فيه.
عاش أنثيموس فترةً من الزمن في جبل آثوس حيث يوجد رهبانٌ كثيرون.
لكنه لم يبق هناك طويلاً، لأن الله كان قد أعدّه للبشارة بالإنجيل ولبناء الأديرة.
كان اعتماد هذا القدّيس، أولاً وأخيراً، على الصلاة.
منه نتعلم أن كل الصعوبات التي يمكن أن يواجهها الإنسان في حياته تجد حلاً لها في الصلاة. اسمعوا،
مثلاً، كيف بنى القدّيس أنثيموس ديراً على اسم القدّيس جاورجيوس في جزيرة كاستيلوريزون اليونانية.
شعر القدّيسُ بروحه، مرةً، أن الله يريده أن يذهب إلى هذه الجزيرة.
فذهب إليها وأقام فيها مدةً من الزمن يصوم ويصلّي منتظِراً أن يدلَّه الله على ما ينبغي أن يعمله.
لم يكن عندَه، يومَها، لا مال ولا مواد لبناء الدير.
لكنه كان يصلّي بحرارة وهو متأكدٌ أن الله سوف يدبّر الأمور بطريقة لا يعلمها هو.
ولم يَمْضِ وقتٌ طويل حتى جاء الجواب وجاء معه العون الإلهي.
فلقد أصاب الجزيرةَ جفافٌ شديدٌ، وكلُّ الذين كانوا في الجزيرة كانوا مهدَّدين بالموت من شدّة الحر وقلّة المياه.
فجاء سكانُ الجزيرة إلى الراهب أنثيموس وطلبوا منه أن يصلّي إلى الله لكي يرسِل المطرَ.
القدّيس أنثيموس يصلي للمطر...فيهطل بغزارة
وهكذا يَبني الدير
-----------------
وبالفعل، صلّى القدّيس، كما صلّى إيليا قديماً، فأرسل اللهُ المطرَ بغزارة.
فَرِحَ أهلُ الجزيرة بما جرى فَرَحاً عظيماً، وأرادوا أن يقدِّموا لله تقدِماتٍ يعبّرون فيها عن شكرهم.
فجاؤوا إلى أنثيموس وقالوا له
:"ماذا تريدنا أن نعمل؟
نحن مستعدّون لتقديم ما تراه مناسباً لأننا لا نعرف كيف نشكر الله على إحسانه العظيم".
فعرض القدّيسُ عليهم أن يساعدوه في بناء الدير، فوافقوا للحال.
وهكذا بنى الديرَ الذي ما يزال قائماً إلى يومنا هذا
هذا هو القدّيس أنثيموس الأعمى الذي كانت عينا قلبِه مفتوحتين أكثرَ من عيون معظم الناس في أيامه.
لا شك أن أحكامَ الله هي غيرُ أحكامِ الناس، والله يرى غير ما يراه الناس.
وما علينا نحن سوى أن نثق به ونسلِّم أمورَنا إليه لأنه يحبّنا ولا يريد لنا إلا الخير
*النذر هو الوعد الذي يعطيه الإنسان لله بأن يقدم للكنيسة تقدمة معيّنة
إذا أعطاه الله ما يطلبه منه